يحكى انه كان في احد البلدان رجل ملك من الكرامات ما لم نسمع عنه عند الانبياء و كان الناس يقصدونه لطلب البركة و الشفاء و اشياء دنيوية اخرى
ومنهم من اخده الفضول ليرى بام عينه ما تحدث الناس فيه و برعوا في تنميقه و الزيادة عليه, فكانوا يصابون بالدهشة لمنظر مجلسه المشع بدون مصدر ملموس
للضوء وكيف تطير الاشياء الى كفه الكبير بمجرد ان يشير بيده اليها .
فكانوا يقدمون له الهدايا و العطاءات ما سمح له بامتلاك الثرواة و وصل صيته الملوك و الامراء فكانوا يقصدونه و يتقاسمون معه عبيدهو جواريهم ونفودهم و لا
يردوا له طلبا فكبر جاهه و سلطانه .
عاش اهل تلك البلدة لسنين على ذكره بخير في مجالسهم لايمانهم بتقواه التي جازاه الله عليها بتلك الكرامات, و كان لاهله و اولاده نصيب ايضا من ذلك الاحترام
و التقدير خاصة ابنه البكر الذي كان على خلق و دين جعله يظهر بمظهر الخليفة لابيه الى انه لم يملك من الكرامات بشيء.
مر الزمن و هرم الرجل و تداعت اجزاء جسده بالمرض و اصبح لا يخرج للناس الى قليلا فلم يكن يخفى على احد ان الاجل اقترب كثيرا و لا يملك في الامر حل
غير التسليم بامر الله.
و في صباح يوم نهض الابن البكر على نداء امه تطلبه لابيه فهو يريده لامر مهم , فدخل عليه غرفته و قبل يده وقال؛ سمعا و طاعة يا ابي.
فامره ان يجلس و طلب منه ان يسمع له و لا يسال او يستفسر و قال؛ انت تعرف مكانتي في المجتمع و جاهي و سلطاني و ثروتي التي لا تحصى او تعد و كما جرت
العادة على الناس فلا بد للمرء من و ريث يكمل ما بداه اباه و لو اقتصر الامر على المال و العبيد لتركت لكم الامر انت و اخوانك بعدي لتدبر امر القسمة و لكن الامر اكبر
من ذلك بكثير اريدك ان تكتسب ما املك من كرامات فتصبح خليفتي و لا يصعب عليك بعد ذلك امر فهل توافق.
فرد الابن ان ياابتي لست مثلك في تقواك و لا استطيع ما كنت تفعل في ايامك قبل ان يلم بك المرض
فرد الاب مازلت استطيع فكل ما عليك فعله هو ان تنصت الي جيدا, بعد ان اموت و تدفنني عل ما جرت العادة عندنا نحن المسلمون و تنتهي ايام العزاء بشهر كامل على
يوم موتي انهض باكرا قبل الفجر فستجد جملا عند الباب فالركبه و انت صامت و دعه يسير بك الى ما شاء فلا تحدثه او تغير من و جهته فيمسك عذاب اليم
و انتظر ما سيحدث و سيكون ذلك فيه من الخير لك ما لم احصل عليه انا و لا تقل لاحد من اخوتك او ايا كان بما حدثتك به الآن, ثم صرفه و هو ياكد له على ان لا ينسى.
مرة حوالي السنة و الاب ذو الكرامات يعاني المرض و العذاب حتى اصبح يطلب الموت و كان اهله يخفون ذلك على الناس متحججين باعذار لعدم خرو جه للناس.
حتى جاء يو ما بات فلم يصبح و مرة جنازته كجنائز الملوك و زين قبره حتى اصبح كل من يراه يعرف بمكانت صاحبه قبل موته.
مرة ثلاثون يوما و الابن لم ينسى و صية ابيه و في الليلة الاخيرة عجز عن النوم و هو يفكر فيما سيحدث حتى بلغ الوقت المحدد فخرج من البيت فوجد جملا كما قال ابوه
عند الباب لا يتحرك فامتطاه فسار به ليوم كامل حتى وصل به الى وسط صحراء قاحلة و الابن ساكت و الدهشة لم تفارق و جهه الى ان قطع صوت الدهشة لتحل مكانها
دهشة اعظم منها فقد تكلم الجمل معه بعد ان توقف عن المشي فهم الابن ان يبسمل فمنعه الجمل قائلا؛
لا تذكر اسم الله و الا قذفت بك بعيدا , انا ابليس او الشيطان كما تعرفونني انا حليف اباك طيلة سنوات مجده و ان اردت ان تصبح مثل اباك فما عليك الا ان تذعن لاوامري
فقاطعه الابن مكذبا اياه و ان اباه كان تقيا فجازاه الله بذلك
فرد عليه الشيطان ؛ انك احمق كسائر قومك كيف يعطي الله اباك ما منعه عن النبياء و الصحابة انا من جعلت اباك على ما كان و انا من سيجعلك مثل اباك
و ان رفضت تركت هنا لتموت و تقتات منك الوحوش .
فلم يتركه الابن يكمل كلامه حتى قال له ؛انا ارفض ان اكون عبدك لعنك الله
فاختفى ابليس لعنه الله و هو يقول ؛ احمق... احمق..
و ترك الابن في الصحراء لا منجد و لا مجيب الا الله و لشدة تقواه انجده الله بان جعله يصادف قافلة فاخرجته من تلك الصحراء و عاد الى بيته سالما و مازالت كلمات
الحديث الذي جرى بينه وبين ابليس في اذنه فحكى لقومه قصته مع و صية ابيه و ابليس فصدقه التقات وكذبه الغلات و وصفوه بالفاشل يبحث عن الاعذارلعدم مقدرته
على خلافة ابيه.