..:: الحب جفاف وفيضان ::..

في ليلة شتاء باردة ، جميلة ، يسكن نسائمها رائحة المطر ، كان موعد الاجتماع (المغلق) ..
جلس على الأريكة الزرقاء .. وبالمقابل جلست هي على أريكة صغيرة ذات اللون (البيجي) ..
أخذ ينظر إليها .. يود أن ينطق .. يتلعثم .. تأخذه العزة فيبقى للصمت ..

هي الأخرى ، مرتبكة .. مترددة .. لا تستطيع أن تنظر إلى عينيه ..

مضت الدقائق .. تتسابق ببطء ممل ..

وفي لحظة واحدة استعاد كل منهما أنفاسه ..

- أنا .. أنا ..

!!!!!

= حسنا .. تكلمي أنت أولا..

- امممم .. بصراحة ليس لدي ما أقوله .. أقصد .. لا أعلم ما أقول بالتحديد ..

= حسنا .. تكلمي لن أقاطعك ..

- بصراحة .. أنا لم أعتد على هذه اللقاءات .. اقصد .. لا أعرف التعبير فيها .. .. .. أقصد ..

= نعم أنا كذلك .. أن أفهمك جيدا .. أنا كذلك لم أعتد على ذلك ..

أنا أفهم ما تودين أن تقوليه ، أعلم أنك لست كبقية النساء اللاتي يقدرن على كمن المشاعر ..

- هل تعلم أني أقدرك ، حينما تتحدث عني ، أحترمك ..

= نعم أدرك ذلك ، والدليل أنك استبدلت حروف مشاعرك تجاهي بكلمة "أحترمك" و"أقدرك" ..

(ضحكت قليلا ..)

- حسنا .. لقد وصلنا لغايتنا الآن .. سأكون صريحة جدا هذه المرة .

بصراحة لم أتصور أني سأجد زوجا في يوم ما ، يقدر المشاعر ويبوح بها ، حتى أنت !!

لم أتصور أنك تستطيع أن تتفهمني ..

نعرف الرجال هنا بقوتهم ، أنا أعرف الرجال كما أعرف أبي وأخي ، بالكاد ينطقون بكلمات البوح الشاعرية , أحيانا أتعجب لأمي كيف تبكي وتهتم بأمر أبى في غيابه ،
وحين تراه لا تبدِ شيئا من هذه المشاعر التي أخرجتها عندي !!

حتى أخي كم أرى في رقته وصراحته ما لا أدركه في شخص غيره ، فأنا أدرك أنه يحسن المداعبة وخفيف الظل ، لكن هيهات أن يكون مع الإناث في البيت أو مع الأقارب !!...

= مهلا .. مهلا .. ترفقي بنا ..

أراكِ تتقنين فن الصراحة (بجد) ..

( ضحكت قليلا )

نعم يحق لك أن تضحكي فلقد أدركتِ أني رقيق وطيب القلب ..

لكن بصراحة (جادة فعلا ) أنت على صواب ..

لكن لا تظني أنه جفاء منا نحن معشر الرجال ، وها أنت ذا تدركين رقة أخيك وطيب قلب أبيك أيضا ، لكن ما يجعلنا نكمن المشاعر هو صلابة حياتنا (أقصد في الماضي ) الدنيا في الماضي كانت مصائب وهموم وتعب وشقاء ، وقسوة الصحراء وجفاء الحياة هو الذي أمدنا بهذه الصفات ، أنت تتعجبين من أمك أليس كذلك ؟!

تتعجبين كيف لها أن تكمن هذه المشاعر الفائضة في حب أبيك ، ورغم ذلك.. الحياة بينهما سعيدة لأبعد الحدود التي نتمناها في وقتنا الحاضر (أحيانا).

ما أود أن أقوله لكِ .. هو أن الحياة في ذلك الوقت أكثر جدية ، قلما يجد الطرفان وقتا (للرومانسيات) أو بالأصح لم يكونا يدركان (الرومانسية)، أما نحن الآن فالمشاعر فائضة لأبعد الحدود ، فالطفل يعرف هذه العواطف منذ صغره عبر الإعلام ، والقصص, والاختلاط ..

بصراحة نحن في هذا الوقت ضعفاء ، لا نستطيع أن نتحمل ظمأ العواطف ، الرجل في هذا الوقت لا يملك قوة المرأة في ذاك الزمن في كمن مشاعره ، والأدهى من ذلك هو حالكم أنتم معشر النساء !!

- لحظة من فضلك ، بصراحة لم أتصور انك ستندفع بهذه القوة في الكلام ، ولم أتصور أيضا انك بهذه الثقافة أيضا ..

( نظرة غاضبة منه لكن تصحبها ابتسامة )

= إذا ما كنت تتصورين مني ؟؟

- لا أدري ؟؟ أتصورك زوجا وحسب ..

هل تعتقدين أن الرجل آله ؟!

يأكل ويشرب ويتبنى مصاريف البيت ويشبع غرائزه .. فقط ؟؟

- لا أرجوك .. أنا لا اعني ذلك .. لكن ..

أرجوك اعذرني أنا لا أجيد لتعبير ..

( ضحك قليلا )

= حسنا .. لا تقلقي ,, أنا أتفهم شعورك ..

لكنك متمردة نوعا ما ..

( ضحكت خجلا )

- هل تصدق أني أحب أن أتمرد على الرجل .. أود أن أعرف كيف يفكر .. كما أني أحب أن أغيظه ..

لا لشيء .. فقط نزوة ..

( نظر إليها باستغراب )

= نعم هذا حالكم أنتم يا ( فتيات زماننا) .. تحبون التمرد .. تودون الهروب لمغريات العواطف التي احتشدت بدوافع شيطانية نحو التجارب العاطفية ..

دائما تتصورون أن التمرد قوة للمرأة ..تعجبكم الأفلام الخرافية ، لكن صدقيني .. قوة المرأة دائما في ضعفها ..

- دوافع شيطانية .. ما ذا تقصد ..

(ضحك قليلا )

= لا .. لا أقصد شيء ..

- بصراحة أنت على صواب في أن قوة المرأة في ضعفها ..

لا اذكر مرة أني قلت لأبي أو لأخي كلمة "أرجوك" إلا وتم لي ما أطلبه ..

لكن لعل كلمة أرجوك في هذا الوقت مستهلكة ( بقوة ) بحيث لم يعد لها ذلك التأثير الإجابي لي .

لم يعد في هذا الوقت سلاح غير الدموع والصوت الشجي لتنفيذ متطلباتي ، والمرأة في هذا الوقت يعصمها الكبرياء الذي ينافس الرجال ، فبدا لها هذا التمرد .

= هذه الدنيا غريبة .. قبل سنوات مضت كانت الحياة تفتقر العواطف .. والآن فاضت هذا العواطف لحدود التبلد أو ما نسميه بـ "البرود العاطفي".

- كم أحمد الله بأن رزقني زوجا مثلك , رغم أني لهذه اللحظة عرفتك ، بجمالك وعذوبتك ،،إلا أني سعيدة جدا ..

وإن كان هنالك فضل بعد الله فهو فضل أبي وأسرتي ككل في أن ربطوني بك ، فلم يكن هنالك داعي لمعرفة عواطفك لأتزوجك ، ما دامت الأسس الدينية فيك مرتكزة على أصولها بإذن الله .

فالإسلام لم يكن أبدا محاربا للعواطف ، فلقد أمر بالود والتراحم بين أبناء هذه الأمة من أزواج ومن أبناء وآباء ومجتمعات .

= نعم .. كم نرى الحب تجسد في رسول الله صلى الله عليه وسلم في حبه لعائشة ولعدله بين أزواجه ، وكفى أننا نؤجر في حبنا إن أحسنا النوايا تقربا لله تعالى ..

وكلي أمل أن أكون زوجا صالحا لك ، مودة ورحمة كما أمرنا خالقنا .

- هل تصدق !!
لم أعد أشعر الآن بالخجل أو بالتردد من النطق بكلمة "أحبك" ..

فآآه لو تعلم كم أنا أحبك يا عزيزي

تحياتي لكم

قصصك دائما رائعة اختي اميرة
مشكورة
اختك مها

لا اقول الى

برافو اميره

مع دوام الابداع

تحياتي

عمرو

مشكورين اخواتي على مروركم الكريم