دموع مطلقات "مدللات"

حدثتني ونبرات صوتها تغص بوجعها، وتتحشرج بآلامها وهي تحكي عن تجربة السنوات الأربع العجاف التي عاشتها في بيت الزوجية، الذي فرت منه بجلدها تاركة وراءها صغيرين هما أحوج ما يكونان إلى رعايتها وحدبها!
لم تتركهما زهدا فيهما، ولكن هربا من عشرة سيئة، ورحمة بهما من رؤية ما قد يترك بصمته على روحيهما الغضتين أبد الدهر. لا تزال تخطو أولى خطواتها العشرينية، وتعيش على أمل إكمال تعليمها والحصول على وظيفة جيدة لتتمكن من توفير رغد العيش لهما، فيما لو قدر لها أن تحصل يوما على حضانتهما.. فمبلغ النفقة الذي تقرره عادة المحكمة لمن هو في عمريهما يكاد لا يسد رمقهما لأسبوع، كما أن أهلها يرفضون استقبالهما فهما في نظرهم أولا أطفال رجل سقى ابنتهم كأس المرارة على مدى أربع سنوات!
زيارة يوم أو يومين في الأعياد تجدد أوجاعها ونكأ الجراح، وقطرة الزيارة تلك تشعرها بالتصحر أكثر مما تروي عطشها لرؤية طفليها، ولذلك أعادتهما إلى أبيهما بعد يوم من الزيارة، وقررت أن لا تعيد الكرة حتى تمتلك زمام الاستقلال الاقتصادي لتحيطهما بجناحيها إلى الأبد كما تقول.. لم أقل لها إن انتظارها سيطول ويطول!
أخرى تتحدث عن تجربتها المريرة مع زواج دام أكثر من ثلاث وعشرين سنة، وعن العمر الذي ضاع هدرا مع زوج لم يقدر تضحياتها وتفانيها في سبيل تربية أبنائها!
تحدثت بمرارة لاذعة عن إهمال الزوج وعدم تحمله لمسؤولياته وتركها برمتها على كتفيها، ليكافئها بالارتماء في أحضان زوجة جديدة في عمر بناته، وورقة طلاق تسلبها كل حقوقها وترمي بها بعيدا عن البيت الذي بنته هي بعرقها وكفاحها!
وهاهي اليوم تنحت الصخر لتبحث عن عمل يحفظ لها ماء وجهها، ويقيها ذل السؤال. لم أقل لها إنها ستبحث طويلا وابتلعت كلماتي في جوفي خوفا من إحباطها، فإذا كانت البطالة قد وصلت إلى نسبة 64.5% بين خريجات الجامعة، فكيف بمن لم تنل إلا شهادة الثانوية العامة؟!
ناهيك عن عشرات من حالات الخلع التي تستنزف فيها المرأة مادياً حتى يحكم لها بالطلاق.
ما سبق غيض من فيض دموع مطلقات يسعين جاهدات لانتشال أنفسهن من عمق الألم والمعاناة ليبدأن حياة جديدة كريمة يستطعن فيها تخليق الأمل من جديد! فأين مسؤولية المجتمع الأخلاقية عن هؤلاء المطلقات؟ ولماذا لا نعيد تأهيل هؤلاء المطلقات نفسيا واجتماعيا واقتصاديا، ونساعدهن على خوض غمار الحياة من جديد ونهيء لهن سبل العيش الكريم
يوما بعد يوم تزداد نسب الطلاق في مجتمعاتنا.. ويزداد عدد المطلقات الباحثات عن بصيص أمل يخرجهن إلى النور.. فهل من مكفكف لدموعهن؟

معاناة بالفعل


زي مقلت مواضيعك كلها رائعة

دايما مميزة مها
مشكوووووووووووووووورة